فإن قلت: كيف جاز تعلقه بقوله «عُتل» وهو موصوف؟ وما يعمل عمل الفعل، إذا وصف لم يعمل عمله، ألا ترى أنه لم يستجز ولم يستحسن:
مررت/ بضارب ظريف زيداً؟ وقد وصف «عتل» ب «زنيم».
فالقول: إن ذلك إنما لم يستحسن لخروجه بالصفة إلى شبه الاسم، وبعده من شبه الفعل، وقد يعمل ما يبعد من شبه الأسماء، نحو: مررت برجل خير منه أبوه وإن كان غير ذلك أحسن. والإعمال في الآية له مزية، وإن كان قد وصف، وذلك أن حرف الجر كأنه ثابت في اللفظ، لطول الكلام ب «أن»، ولأن «أن». قد صارت كالبدل منه ومن ثم قال الخليل في هذا النحو: إنه في موضع جر، وإذا كان كذلك فقد يعمل بتوسط الحرف.
وقد ينتصب «أن» من وجه آخر غير ما ذكرنا، وذلك أن قوله: (إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) «١» يدل على الإنكار والاستكبار وترك الانقياد، فأعمل هذا المعنى، الذي دل عليه هذا الكلام، في «أن» وكان التقدير، استكبر وكفر، لأن كان ذا مال وبنين.
فأما من أدخل الهمزة فقال: أأن كان ذا مال وبنين. فقد يكون في موضع النصب أيضاً من وجهين:
أحدهما: أن ما تقدم مما دلّ عليه من قوله «عتل» صار بمنزلة الملفوظ به بعد الاستفهام، فكأنه: ألأن كان ذا مال وبنين يعتل أو يكفر أو يستكبر، ونحو ذلك.