الفاعل هو المصدر دون ليسجننه). بخلاف مذهبه- أعني سيبويه- حيث جعل (لَيَسْجُنُنَّهُ) الفاعل وإن كان جملة. فإذا كان كذلك كان في قوله: (يا مُوسى) بمنزلة (لَيَسْجُنُنَّهُ) عند سيبويه، هذا سهو.
ومثله: (وَأَنَا اخْتَرْتُكَ) «١» في قراءة حمزة، بفتح الألف والتشديد والألف والنون على تقدير: ولأنا اخترناك فاستمع لما يوحى أي: استمع لما يوحى لأنا اخترناك، فاللام الأولى بمعنى إلى، لولا ذلك لم يجز، لأنه لا يتعدى فعل واحد بحر في جر متفقين، وإن اختلفوا في المختلفين.
وزعم الفارسىّ أن قوله (وَأَنَا اخْتَرْتُكَ) محمول على (إِنِّي أَنَا رَبُّكَ) «٢» فسبحان الله- إن من قرأ (إِنِّي أَنَا رَبُّكَ) بالفتح يقرأ (وَأَنَا اخْتَرْتُكَ) - وهو ابن كثير. وأبو عمرو- فكيف نحمل عليه! إنما ذلك على قوله (فَاسْتَمِعْ) أو على المعنى، لأنه لما قال (فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً) «٣» / كأنه قال: اخلع نعليك لأنك بالوادي المقدس طوى.
ولو قال ذلك صريحا لصلح (وَأَنَا اخْتَرْتُكَ) على تقدير: ولأنا اخترناك:
أي: اخلع نعليك لهذا ولهذا.
ومثله: (عَبَسَ وَتَوَلَّى (١) أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى) «٤» أي: لأن جاءه الأعمى، فحذف اللام.
ومثله: (وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً) «٥» أي: وفجرنا من الأرض عيونا. أو يكون كقوله (جاؤُ ظُلْماً وَزُوراً) «٦» [أي] «٧» بظلم. والتقدير: وفجرنا الأرض بعيون.

(١) طه: ١٣ والقراءة المشهورة: (وَأَنَا اخْتَرْتُكَ).
(٢، ٣) طه: ١٢.
(٤) عبس: ١، ٢.
(٥) القمر: ١٢.
(٦) الفرقان: ٤.
(٧) تكملة يقتضيها السياق.


الصفحة التالية
Icon