فأما قوله: (وَالنَّهارَ) فقيل: هو منصوب بقوله (لا يَفْتُرُونَ) والأحسن أن يكون عطفاً على «الليل».
ومثله: (وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ) «١» فإنه يجوز أن يحمل على «عن» تقديره: معكوفاً عن أن يبلغ محله. فلما كانت «أن» الموصولة بالفعل قد طال الكلام بها جاز إضمار الجار.
ويجوز النصب في موضع «أن» على هذا، والعامل فيه على ضريين:
أحدهما أن يكون التقدير: والهدى معكوفاً كراهة أن يبلغ، أو لئلا يبلغ محله على تقدير الكوفيين.
فإن قلت: فإن «معكوفاً» يقتضى حرف جر على تقدير «على» - ولا يكون متعدياً بنفسه، والتنزيل يشهد بصحة ذا قال عز من قائل:
(يَعْكُفُونَ عَلى أَصْنامٍ لَهُمْ) «٢». و (سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ) «٣».
قيل: هو محمول على المعنى، كأنه قال: والهدى محبوساً كراهة أن يبلغ، كالرفث حيث حمل على الإفضاء في قوله: (الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ). «٤»
وجاز ذا لأن المسلمين أحصروا إذ ذاك، ويكون «معكوفاً» في بابه، كمدرهم «٥»، حيث لم يقل درهم، ومفؤود، للجبان، و «بماء معين» «٦»، ولم يقل: عين، وكذلك لم يقل: عكف.
(٢) الأعراف: ١٣٨.
(٣) الحج: ٢٥. [.....]
(٤) البقرة: ١٨٧.
(٥) مدرهم: كثير الدراهم.
(٦) الملك: ٣٠.