وأنكر الطبري «١» هذا القول، واعتل بأنهم ما كانوا يستضعفون إلا في أرض مصر من جهة القبط.
وغلط الطبري، لأنه ظن أنهم لا يكونون مستضعفين إلا بعد أن يقتل أبناؤهم وتستحيا نساؤهم، ويلزموا أن يضربوا لبنا صلبا بلا تبن، وليس كذلك، لأنهم لما تفردوا بدين إبراهيم، ولم يكن يدين به في ذلك الوقت أحد، إلا وكانوا مدفوعين عندهم غير مقبولين، ومقهورين غير مالكين.
ألا ترى أن قوماً منهم صاروا بعد «بختنصر» إلى أرض فارس، وكانوا أذل من بها، لمفارقتهم لهم في أديانهم. والشأن في أنه أنكر هذا القول، ولم يذكر هو شيئاً يعبأ به، لأنه قال: أورثهم مشارق الشام وذلك مما يلي الشرق منها، ومغاربها التي باركنا فيها.
وقيل: التقدير: أورثنا مشارق هذه الأرض التي أغرقنا مالكيها وسالكيها.
فإذا نصبت «مشارق» بأورثنا، كان قوله «التي» جراً، صفة ل «الأرض» المجرورة، وإذا نصبت «مشارق» ب «يستضعفون»، كان «التي» نصبا، صفة موصوف محذوف منصوب ب «أورثنا» أي: أورثناهم الأرض التي باركنا فيها.