وأما قوله تعالى: (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ) «١» فإن موضع قوله (فِي الْأَرْضِ) يحتمل ضربين:
أحدهما: أن يكون مفعولاً فيه ظرفاً.
والآخر: أن يكون وصفاً.
فإن جعلته ظرفاً احتمل أن يكون ظرفاً ل «أصاب» واحتمل أن يكون ل «مصيبة». ولا ذكر فيه على شىء من هذين التأويلين. كما أن قولك:
بزيد، من: مررت بزيد. كذلك يؤكد ذلك. ويحسنه دخول «لا» في قوله:
(وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ). فصار ذلك مثل: ما ضربت من رجل ولا امرأة.
والضرب الآخر أن يكون صفة للنكرة، ويكون متعلقاً بمحذوف.
وفيه ذكر يعود إلى الموصوف. وقوله: (وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ) صفة معطوفة على صفة، لأنه صفة منفى، فيكون كالبدل في قوله:
في ليلة لا ترى بها أحداً | يحكى علينا إلا كواكبها «٢» |
وزيادة الحروف في التنزيل كثير، فأقرب من ذلك إلى ما نحن فيه قوله: (فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ) «٣» وقوله: (فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ) «٤»
(١) الحديد: ٢٢.
(٢) البيت لعدي بن زيد، والشاهد فيه: رفع الكواكب على البدل من الضمير الفاعل في يحكي. لأنه في المعنى منفى، ولو نصب على البدل من أحد لكان أحسن. (الكتاب ١: ٣٦١).
(٣) آل عمران: ١٥٩.
(٤) النساء: ١٥٤.
(٢) البيت لعدي بن زيد، والشاهد فيه: رفع الكواكب على البدل من الضمير الفاعل في يحكي. لأنه في المعنى منفى، ولو نصب على البدل من أحد لكان أحسن. (الكتاب ١: ٣٦١).
(٣) آل عمران: ١٥٩.
(٤) النساء: ١٥٤.