ومن ذلك الكاف في «ذلك» من قوله: (ذلِكَ الْكِتابُ) «١» و «ذانك» من قوله: (فَذانِكَ بُرْهانانِ) «٢» وما أشبهه. الكاف للخطاب لثبات النون في «ذانك». ولو كان جراً/ بالإضافة حذفت النون كما تحذف من قولهم:
هذان غلاماك، لأن «ذا» اسم مبهم، وهو أعرف من المضاف، فلا يجوز إضافته بتة.
ولأنك تقول: عندي ذلك الرجل نفسه. ولا يجوز أن تقول: ذاك نفسك، بالجر، ولو كان الكاف جراً لجاز، فثبت: ذلك نفسه، وذاك نفسه، يفسد كون الكاف مجروراً.
ومن ذلك الكاف في قوله تعالى: (أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ) «٣» فالكاف هنا للخطاب، ولا محل له من الإعراب لأن العرب تقول:
أرأيتك زيداً ما صنع؟
ولو كان «الكاف» المفعول الأول لكان «زيدا» المفعول الثاني، و «زيدا» غير الكاف، لأن «زيدا» غائب وهو غير المخاطب، ولأنه لا فرق [بينه و] «٤» بين قول القائل: أرايتك زيدا ما صنع؟
ألا ترى قوله: (قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللَّهِ) «٥».
وقوله تعالى: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصارَكُمْ) «٦».
فالكاف والميم ثبوتهما لا يزيد معنى يختل بسقوطهما، فعلى هذا فقس
(٢) القصص: ٣٢.
(٣) الإسراء: ٦٢.
(٤) زيادة يقتضيها السياق.
(٥) الأنعام: ٤٠.
(٦) الأنعام: ٤٦.