ومما جاء وقد حذف منه المبتدأ:
قوله تعالى: (قالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنا هؤُلاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنا أَغْوَيْناهُمْ) «١» موضع (الَّذِينَ) رفع بأنه خبر مبتدأ، ولا يكون رفعا بأنه وصف ل «هؤلاء». ألا ترى أنك لو جعلته صفة لكان (أَغْوَيْناهُمْ) الخبر. فإذا جعلته الخبر لم يستقم، لأنك لا تفيد به إلا ما استفيد من المبتدأ، فصار بمنزلة قولك: الذاهبة جاريته صاحبها ونحو ذلك.
فإن قلت/: فهلا جعلت (أَغْوَيْنا) الخبر، وجعلت (الَّذِينَ) صفة المبتدأ، واستجزت أن يكون الخبر، لاتصال (كَما) به، وجواز «الكاف» أن يكون وما اتصل به في موضع الخبر، كما يكون في موضع الحال. فإذا كان كذلك صار فيه فائدة لم تكن في قوله (أَغْوَيْنا) الذي في الصلة.
قيل: لا يستقيم ذلك لأن الجزء الذي هو خبر ينبغي أن يكون مفيداً بنفسه، فإذا افتقر إلى اتصال ما هو فضلة به لم يفد إلا كذلك، لم يجز.
ألا ترى أنك لا تجيز: زيداً ضرب، إذا كان الضمير الذي فيه لزيد، لأن المفعول الذي هو فضلة يصير محتاجاً إليه وغير مستغنى عنه. فإذا لم يجز ذلك في الفاعل لم يجز في خبر المبتدأ أيضاً، لأن خبر المبتدأ كالفاعل عند سيبويه. فقوله (أَغْوَيْنا) جملة مستأنفة، واستغنت عن حرف العطف لتضمنها الذكر مما تقدم.