ومن ذلك قوله تعالى: (قالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى) «١» فيمن نصب. تقديره. موعدكم في يوم الزينة، وموعدكم في حشر الناس.
فقوله: «أن يحشر» في موضع الرفع خبر مبتدأ/ محذوف دل عليه قوله «موعدكم» الأول. ومن رفع كان التقدير: موعدكم موعد يوم الزينة، فحذف المضاف، يدل على ذلك قوله: وأن يحشر، أي: موعد حشر الناس، أو: وقت حشر الناس، فحذف.
وأما قوله تعالى (اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ) «٢» فإن جعلت في «لهم» ضمير يعود إلى «ما» كان في رفع آلهة وجهان:
أحدهما: إضمار «هي»، أي: هي آلهة.
والآخر: إبدالها من الضمير في الظرف.
وزعم ابن عيسى أنه يجوز أن تكون «ما» كافة، فيستأنف الكلام بعدها، ويجوز في «ما» أن تكون موصولة «بلهم» كأنه قيل: اجعل لنا إلهاً كالذي لهم، فيجوز الجر على هذا الوجه في «آلهة»، كأنه قيل: اجعل لنا إلهاً كآلهة لهم.
ويجوز على هذا الوجه النصب في «آلهة» على الحال، ففيه ثلاثة أوجه:
الرفع، والنصب، والجر، ولا يجوز على الكافة إلا الرفع.
ومن هذا الباب قوله تعالى: (الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ) «٣» أي: هذا الحق من ربك.
وقوله تعالى: (فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (٨٤) لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ) «٤» أي: قال: فأنا الحق وأقول الحق. ومن نصبهما قال: فأقول الحق حقاً. ومن رفعهما جميعا
(٢) الأعراف: ١٣٨.
(٣) هود: ١٧.
(٤) ص: ٨٤ و ٨٥.