ومن ذلك قوله تعالى: (ماذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً) «١» قال أبو علي: «هذا» خبر مبتدأ وليس بصفة ل «مثلٍ»، بدلالة قوله: (كَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ) «٢» في الأخرى.
ومن ذلك قوله تعالى: (عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ) «٣» أي: هي عوان، ويكون (بَيْنَ ذلِكَ) بدلاً من (عَوانٌ) كحامض بعد حلو.
ومن ذلك قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً) «٤» فقوله: (مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ) أي: هو ابن مريم، خبر ابتداء مضمر.
قال أبو على: بنبغي أن يكون (عِيسَى) بدلاً من (الْمَسِيحُ) من المبدل الذي هو هو، ولا يكون إلا كذلك. ألا ترى أن المسيح اسم، وأن الاسم مبتدأ، فيجب أن يكون خبره. إذا كان مفرداً. شيئاً هو هو في المعنى، ولا يجوز أن يكون (عِيسَى) خبراً أيضاً من حيث كان الاسمان له، لأنه لو كان كذلك لكان أسماه على المعنى أو أسماه على الكلمة. وإذا كان على ما ذكرنا لم يجز أن يكون (ابْنُ مَرْيَمَ) وصفاً لعيسى في هذا الموضع، وإن كان يجوز أن يكون وصفاً له في غير/ هذا الموضع، وإنما كان كذلك لأن «عيسى» هنا عبارة عن غير شخص. ألا ترى أنه خبر عن الاسم، والاسم لا يكون الشخص، فوجب من هذا أن يكون (ابْنُ مَرْيَمَ) في هذه الآية خبر مبتدأ محذوف.
أو مبتدأ محذوف الخبر، أي هو ابن مريم، أو ابن مريم هذا المذكور.

(١) البقرة: ٢٦.
(٢) المدثر: ٣١.
(٣) البقرة: ٦٨.
(٤) آل عمران: ٤٥.


الصفحة التالية
Icon