قال أبو سعيد: «وإنما يقول القائل: ها أنا ذا، إذا طلب رجل لم يدر أحاضر هو أم غائب، فقال: المطلوب: ها أنا ذا. / أي: الحاضر عندك أنا.
وإنما يقع جواباً. لقول القائل «١»
: أين من يقوم بالأمر؟ فيقول له الآخر.
ها أنا ذا، [أو: ها] «٢» أنت ذا. أي أنا في الموضع الذي التمست [فيه من التمست] «٣»، أو أنت في ذلك الموضع».
وأكثر ما يأتي فى كلام العرب هذا بتقديم «ها» و [الفصل بينها و] «٤» بين «ذا» بالضمير المنفصل. والذي حكاه أبو الخطاب عن العرب من قوله:
«هذا أنا» و «أنا هذا». هو في معنى: أنا ذا. ولو ابتدأ إنسان على غير الوجه الذي ذكرناه فقال: هذا أنت، وهذا أنا، يريد أن يعرفه نفسه، كان محالا لأنه إذا أشار له إلى نفسه بالإخبار عنه ب «أنا» و «بأنت» لا فائدة فيه، لأنك إنما تريد أن تعلمه أنه ليس خبره. ولو قلت: «ما زيد غير زيد»، و «ليس زيد غير زيد»، كان لغواً لا فائدة فيه. أو قلت: هذا أنت، والإشارة إلى غير المخاطب، كان معناه: هذا مثلك، كما تقول: زيد عمرو، على معنى: زيد مثل عمرو.
والذي حكاه يونس عن العرب «هذا أنت»، تقول: «أنت تفعل كذا وكذا».
هو مثل قوله (ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ) «٥» لأن قولهم: هذا أنت، كقولك: أنت هذا، أحدهما مبتدأ والآخر خبره، أيهما شئت جعلته المبتدأ والآخر الخبر، وقوله: تفعل كذا وكذا في موضع الحال عند البصريين، كأنك قلت: هذا زيد فاعلاً كذا. والعامل فيه معنى التنبيه. وعند الكوفيين أن المنصوب في هذا بمنزلة الخبر، لأن المعنى عندهم: زيد فاعل كذا. ثم

(١) مكان هذه العبارة في الأصل. «لقول القائل» :«ويقول»، وما أثبتنا من هامش الكتاب (١٥:
٣٧٩).
(٢، ٣) التكملة من هامش الكتاب.
(٤) تكملة يقتضيها السياق.
(٥) البقرة: ٨٥. [.....]


الصفحة التالية
Icon