ألا ترى أنهم قالوا: أما كيد زيد يفعل، وما زيل يفعل، وهم يريدون «فعل». فإذا حركوا الفاء هذه التحريكة أمن بها التباس الفعل المبني للفاعل بالفعل المبني للمفعول، وانفصل بها، فدلت عليه، وكان أشد إبانة للمعنى المراد. ومن الحجة في ذلك: أنهم قد أشموا نحو «ردّ» و «عدّ» وما أشبه ذلك من التضعيف المبني على «فعل»، مع أن الضمة الخالصة تلحق فاءه، فإذا كانوا قد تركوا الضمة الصحيحة إلى هذه في المواضع التي تصح فيها «١» الضمة، فإلزامها حيث تلزم الكسرة فيها «٢» في أكثر اللغات أجدر.
ودل استعمالهم هذه الحركة في «رد» ونحوه من التضعيف على تمكنها في «قيل» و «بيع» وكونها أمارة للفعل المبني للمفعول به، ولولا ذلك لم تنزل الضمة المحضة إليها في نحو قولهم «رد» ونحوه، / من الحجة في ذلك أنهم قد قالوا: أنت تغزين، فألزموا الزاى إشمام الضمة و «زين» من «تغزين» بمنزلة «قيل» فكما ألزم الإشمام هنا كذلك يلزم ذلك في «قيل».
ألا ترى أن من قال «بيع» و «قيل» قال: «اختير» و «انقيد»، فأشم ما بعد الخاء والنون لما كان بمنزلة: «قيل»، «بيع»، وكما ألزم بالإشمام نحو «لا تغزين»، لينفصل من باب «ترمين» كذلك ألزم «قيل» و «بيع» الإشمام في الضمة لينفصل من الفعل المبني للفاعل فى «كيد» و «زيل» وليكون أدل على فعل.
فإن قلت: فهلا ألزم القاف في «قيل» ونحوه إشمام الضمة كما ألزم «تغزين» ؟

(١، ٢) في الأصل: «فيه» في الموضعين. [.....]


الصفحة التالية
Icon