ألا ترى أن «أنزلت» يتعدى إلى مفعول واحد، فإذا بنيته للمفعول لم يبق له متعدًّى إلى مفعول به.
وقوله «من ربك» على حد: (وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ) «١».
و «بالحق» حال من «الذكر» الذي في «منزل».
ومما جاء الجار فيه حالاً كما جاء في الآى الآخر: (أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ) «٢». المعنى:
أنزله وفيه علمه. كما أن «خرج بعدته» تقديره: خرج وعليه عدته. والعلم:
المعلوم. أي: أنزله وفيه/ معلومه.
ومثل ذلك قوله تعالى: (وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ) «٣».
فالمعنى- والله أعلم-: يوم تشقق السماء وعليها الغمام.
فالجار متعلق بمحذوف في موضع الحال كما تقول: خرج زيد بثيابه.
ومنه قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ) «٤» الجار في موضع الحال، أي: ثابتا منه آيات محكمات. و «آيات» يرتفع بالظرف هنا على المذهبين.
ومنه قوله تعالى: (وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً) «٥» أي: ثابتاً فيه هدى ونور. يدل عليه انتصاب قوله «ومصدقاً» ويرتفع «هدى» بالظرف في المذهبين.

(١) البقرة: ٨٩.
(٢) النساء: ١٦٦.
(٣) الفرقان: ٢٥.
(٤) آل عمران: ٧.
(٥) المائدة: ٤٦. [.....]


الصفحة التالية
Icon