وقدره آخرون: ولتجدنهم ومن الذين أشركوا، أي: ولتجدنهم وطائفة من الذين أشركوا أحرص الناس فهو وصف لموصوف منصوب معطوف على مفعول (لَتَجِدَنَّهُمْ).
وقدره الفرّاء: من يود. و «من» إن كان موصولاً فلا يجوز إضماره، وإن كان موصوفاً جاز إضماره، كقول حسان:
فمن يهجو رسول الله منكم... ويمدحه وينصره سواء
أي: من يمدحه ومن ينصره. ويكون «من» موصوفاً. ومن لم يقف على «حياة»، فإنما أدخل «من» على قوله: (وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا) «١» حملاً على المعنى.
إذ المعنى: ولتجدنهم أحرص من الناس ومن الذين أشركوا.
ومن ذلك قوله تعالى: (مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ) «٢» قال أبو علي:
ومن الذين هادوا فريق يحرف الكلم، فحذف الموصوف، كما قال:
(وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ) «٣» أي: ومن آياته آية يريكم البرق دليله قوله:
(وَمِنَ الَّذِينَ هادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ) «٤» أي: سماعون من أجل الكذب.
أي: يسمعون ليكذبوا عليك ويحرفوا ما سمعوا. فقوله «يحرفون» صفة لقوله «سماعون» وليس بحال من الضمير الذي في «يأتوك».
ألا ترى أنهم إذا لم يأتوا لم يسمعوا فيحرفوا، وإنما التحريف ممن يشهد ويسمع ثم يحرف.

(١) البقرة: ٩٦.
(٢) النساء: ٤٦.
(٣) الروم: ٢٤.
(٤) المائدة: ٤١.


الصفحة التالية
Icon