ومعنى (فَقَلِيلًا ما يُؤْمِنُونَ) «١» أي: الإيمان لهم، لأن القلة يراد به النفي.
قال سيبويه: قَّل رجل يقول ذاك إلا زيد. والمعنى: ما رجل يقول ذاك إلا زيد. فزيد لا يجوز فيه إلا الرفع لأنه منفي وكذلك: قلما سرت حتى أدخلها، بالنصب. كما تقول: ما سرت حتى أدخلها.
وأما قوله: (فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا) «٢». فقد قال أبو علي: قلة إيمانهم قولهم: الله ربنا، والجنة والنار حق. وليس هذا بمدح إيمانهم، إذ ليس القدر مما يستحق به الجنة، ولا يكون التقدير إلا جماعة قليلاً لقوله:
(لَعَنَهُمُ اللَّهُ) «٣». فعمَّهم باللعن. وإنما التقدير: إيماناً قليلاً.
وأما قوله: (كانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ) «٤» أي: قليلاً في العدد من الليل لم يهجعوا، عن الضحّاك، وهو ضعيف. لأنه قدم الجار على المنفى.
وقيل: كانوا قليلاً هجوعهم، و «ما» مصدرية، فتكون بدلاً من الضمير في «كانوا»، أي: يرتفع بالظرف. و (قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ) «٥» خبره، لأنه حدث والجملة في موضع خبر «كان».
قال الشيخ: هذا سهو منه، لأنه إذا ارتفع بالظرف لم يرتفع بالابتداء، وإذا لم يرتفع بالابتداء لم يكن «قليلاً» خبراً، لا سيما و «قليلا» منصوب، فكيف يكون خبر «ما»، إنما نصبه لأنه خبر «كان».

(١) البقرة: ٨٨.
(٢) النساء: ١٥٥.
(٣) النساء: ٥٢.
(٥- ٤) الذاريات: ١٧.


الصفحة التالية
Icon