قيل لهم: التثنية بعد الجمع محال لا يحسن.
فقالوا: قد جاء الإفراد بعد الجمع، والتذكير بعد التأنيث، وإنما يبطل احتجاجهم بأنه لا يقال كميتا الأعالي جونتا مصطلى الأعالي. وإنما يقال مصطلى الأسافل.
وهذا حديث قد كتبناه في مواضع ليس من بابه هذا الكتاب.
ومن ذلك قوله تعالى: (كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ) «١» فكنى عنه بالمفرد. ثم قال: (ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ) «٢» - فكنى عنه بالجمع.
ومثله: (وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ) «٣». ثم قال: (أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) «٤».
وقال: (وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما) «٥». ثم قال: (أُولئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ) «٦».
ويجوز أن يكون التقدير في قوله: (وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ) «٧» - أي، وفيما يتلى عليكم فحذف الخبر.
ومثله: (تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ) «٨» أي تماماً على المحسنين- عن مجاهد، كأنه قيل: تماماً على المحسنين الذي هو أحدهم.
(٢) البقرة: ١٧.
(٣) الزمر: ٣٣. [.....]
(٤) الزمر: ٣٣.
(٧- ٥) الأحقاف: ١٧.
(٦) الأحقاف: ١٨.
(٨) الأنعام: ١٥٤.