قوله تعالى: (وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ) «١» [أي: ولكن ذا البر] «٢».
وإن شئت: ولكن البر بر من آمن.
وإن شئت: «كان البر» بمعنى البار، فلا يكون من هذا الباب. ولا وجه أن يكون التقدير: ولكن البر بر من آمن، ليكون ابتداء الكلام على الحقيقة لأنه إذا حذف منه «ذا»، أو جعل بمعنى البار، فعلى الوجهين يكون مغيراً عن أصله.
(فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ) «٣» أي: من جناية أخيه، وتقديره: من جنايته على أخيه. والعفو: التيسير «٤» دون الصفح، كالذي في قوله. وآخره عفو لله، أي يسر له حيث قبلت الصلاة في آخره قبولها في أوله، لم تضيق على المصلى.
وقال في موضع آخر: (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ) «٥» الآية. هذا في قبول الدية في العمد، أي من يسر له من أخيه القاتل فاتباع بالمعروف، أي ليتبعه ولى المقتول بالمعروف، فيتجمل في المطالبة، وليؤد المطالب ذلك منه إلى ولي المقتول بإحسان فلا يمطله ولا يبخسه، فقوله تعالى: (وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ) «٦» مرتفع بالابتداء، وخبره «له»، هي مضمرة/ في تقدير الفاعل أن يؤدى إليه أخوه، والجار في «بإحسان»

(١) البقرة: ١٧٧.
(٢) التكملة من تفسير أبي حيان (٢: ٣) وفيه بعد هذا: «قاله الزجاج».
(٣) البقرة: ١٧٨.
(٤) في الأصل: «وللعفو اليسير». والصواب ما أثبتناه، بدليل ما بعده.
(٥- ٦) البقرة: ١٧٨.


الصفحة التالية
Icon