فقد جاز في (أَنْ تَضِلَّ) أن تتعلق بأحد ثلاثة أشياء:
أحدها: المضمر الذي دل عليه قوله: (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ) «١».
والثاني: الفعل الذي هو: فليشهد رجل وامرأتان.
والثالث: الفعل، الذي هو خبر المبتدأ.
فإن قيل: فإن الشهادة لم توقع للضلال الذي هو النسيان، إنما وقعت للذكر والحفظ.
فالقول في ذلك أن سيبويه قد قال: أمر بالإشهاد لأن تذكر إحداهما الأخرى، ومن أجل أن تذكر إحداهما الأخرى. وذكر الضلال لأنه سبب للإذكار، كما تقول: أعددته أن تميل الحائط فأدعمه. وهو لا يطلب بذاك ميلان الحائط، ولكنه أخبره بعلة الدعم وسببه.
ومن حذف المضاف قوله تعالى: (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ) «٢».
أي: فنعم شيئاً إبداؤها، فحذف المضاف، وهو إبداء، فاتصل الضمير فصار «ها هي» لأن «ها» يتصل بالاسم. فإذا انفصل قيل: هي.
ومن ذلك قوله تعالى: (إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً) «٣». أي: إن أكله.
ومثله: (وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ) «٤». أي: وقت دوامي فيهم.
ومثله: (أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ) «٥» أي: بوقت لبثكم.

(١) البقرة: ٢٨٢.
(٢) البقرة: ٢٧١.
(٣) النساء: ٢.
(٤) المائدة: ١١٧.
(٥) الكهف: ١٩.


الصفحة التالية
Icon