ومثله: (قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ) «١» أي: من ثوابها، لإنكارهم وكفرهم بها، في نحو قوله تعالى: (لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ) «٢» (وَقالُوا ما هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا) «٣».
فأما قوله تعالى: (كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ) «٤» أي: من بعث أصحاب القبور، يدل على ذلك قوله: (زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا) «٥».
أو يكون: من مجازاة أهل القبور، أي: لا يثابون ولا يعاقبون، ويكون (كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ) الموتى من الآخرة، فأضمر «من الآخرة» لجرى ذكره. ويكون قوله (مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ) متعلقاً ب (الْكُفَّارُ) دون (يَئِسَ) محذوف، لجرى ذكره.
ومن ذلك قوله تعالى: (جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ) «٦» أي: حج الكعبة، ليكون في المعنى (قِياماً لِلنَّاسِ) «٧».
ومنه قوله تعالى: (وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ) «٨» أي: على ذوى خيانة منهم (إِلَّا قَلِيلًا) «٩». والاستثناء من المضاف المحذوف.
ومن حذف المضاف قوله: (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ) «١٠» أي: إلا نجوى من أمر.
قال أبو علي: قد تكون موضع «من» نصباً إذا استثنيته من المنتجين، كما جاء (وَإِذْ هُمْ نَجْوى) «١١» أي. هم منتجون. وقد يكون جزاء، أي: لا خير
(٢) سبأ: ٣.
(٣) الجاثية: ٢٤. [.....]
(٤) الممتحنة: ١٣.
(٥) التغابن: ٧.
(٦- ٧) المائدة: ٩٧.
(٨- ٩) المائدة: ١٣.
(١٠) النساء: ١١٤.
(١١) الإسراء: ٤٧.