كقوله: (باسِطٌ ذِراعَيْهِ) «١». وإنما قال: (ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ) «٢» لمن علم القاتل وكتم أمره، دون القاتل، لأنه يجعد ولا يكتم.
ومن ذلك قوله تعالى: (وَكَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً) «٣».
وقال أبو عبيدة «٤» : أي: وقوداً. وهذا يصح على حذف المضاف والمضاف إليه كله، أي وكفى بسعير جهنم سعيراً، لأن السعير هو الاستعار، و «جهنم» اسم مكان، فلا يكون ذو الحال الحال إلا على هذا التقدير، وتكون الحال مؤكدة كقوله:
كفى بالنأى من أسماء كاف وقال أبو الحسن في «سعير» : أي مسعورة. واستدل على ذلك بقوله تعالى:
(وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ) «٥».
وإن أراد أبو عبيدة بالوقود الحطب، كان أيضاً على حذف المضاف، أي: وكفى بوقود جهنم وقودا، والحال أيضاً مؤكدة.
ومن ذلك قوله تعالى: (وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً دَرَجاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً) «٦» انتصب «أجرا» لأن «فَضَّل» يدل على «أجر» ولا ينتصب بفضل، لاستيفائه المجاهدين أولاً، والثاني «٧» «على القاعدين».
و «درجات»، أي: أجر درجات، فحذف، وهو بدل. أو يكون: «بدرجات»، فهو ظرف. و «مغفرة»، أي: وجزاهم/ مغفرة، أو يكون: وغفر مغفرة.

(١) الكهف: ١٨.
(٢) البقرة: ٧٢.
(٣) النساء: ٥٥.
(٤) ابو عبيدة معمر بن المثنى. وكانت وفاته سنة ٢٠٩ هـ.
(٥) التكوير: ١٢.
(٦) النساء: ٩٥ و ٩٦.
(٧) والثاني، بمعنى المفعول الثاني للفعل «فضل».


الصفحة التالية
Icon