وهذا مثل قوله تعالى في صفتهم: (وَلكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ) «١». وقال عز من قائل: (يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ) «٢» فوصفوا في ذلك بالجبن والفرق.
والتقدير: رهبتهم لكم تزيد على رهبة الله. فالمصدر المقدر حذفه في تقدير الإضافة إلى المفعول به.
ومن ذلك قوله تعالى: (قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ) «٣» أي: من صفاء فضة.
ويكون قوله «من فضة» صفة للقوارير، كما أن «قدروها» صفة.
ومن ذلك قوله تعالى: (وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ) «٤» أي: اقتحام العقبة.
ثم قال: (فَكُّ رَقَبَةٍ) «٥» أي: اقتحامها فك رقبة.
(ثُمَّ كانَ) «٦» أي: إن كان، أي: ثم كونه من الذين، فحذف «أن» كقوله:
«أحضر الوغى «٧» ».
ومن ذلك قوله تعالى: (مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (٤) سَلامٌ) «٨» أي: من كل ذى أمر.
ومن ذلك قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ) «٩» أي: من خشية عقاب ربهم. والخشية: خوف فيه تعظيم للمخشى منه، بخلاف الإشفاق، فكأنه قال: هم حذرون المعاصي من أجل خشية عقاب الله.

(١) التوبة: ٥٦.
(٢) المنافقون: ٤.
(٣) الدهر (الإنسان) : ١٦.
(٤) البلد: ١٢.
(٥) البلد: ١٣.
(٦) البلد: ١٧.
(٧) جزء من بيت لطرفة بن العبد في معلقته، وهو بتمامة:
ألا أيهذا الزاجري أحضر الوغي وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي
[.....]
(٨) القدر: ٤ و ٥.
(٩) المؤمنون: ٥٧.


الصفحة التالية
Icon