والوجه الثاني: أن تكون على معنى: الظن والتخيل، كقولك: اجعل الأمير غائباً وكلمه، أي: صيره في نفسك كذلك.
والوجه الثالث: أن تكون في معنى النقل، فتقول: جعلت الطين خزفاً أي: صيرته خزفاً ونقلته عن حال إلى حال.
قال الله تعالى: (اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً) «١» أي: صيره آمناً، وانقله عن هذه الحال.
قال «٢» سيبويه: «وتقول جعلت متاعك بعضه فوق بعض».
وله ثلاثة أوجه في النصب:
إن شئت جعلت «فوق» في موضع الحال، كما فعلت ذلك في «رأيت»، [في رؤية العين] «٣» وإن شئت نصبت على ما نصبت عليه «رأيت زيداً وجهه أحسن من وجه فلان»، [تريد رؤية القلب] «٤».
وإن شئت نصبت على أنك إذا قلت: «جعلت متاعك» تدخله «٥» معنى «ألقيت»، فيصير كأنك قلت: «ألقيت متاعك بعضه فوق بعض».
وهذه الوجوه الثلاثة يرجع وجهان منها إلى وجه واحد مما ذكرنا، وهو أن يجعل «جعلت» متعدياً إلى مفعول واحد.
غير أن معنى الوجهين اللذين ذكرهما مختلف، وإن كانا مجتمعين في التعدي إلى مفعول واحد.

(١) إبراهيم: ٣٥.
(٢) الكتاب لسيبويه (١: ٧٨).
(٤- ٣) تكملة من الكتاب لسيبويه.
(٥) الكتاب: «يدخل فيه».


الصفحة التالية
Icon