وهذه مسألة عرضت، فنقول فيها: إن «من» لا تزاد في الواجب عندنا. وقال الأخفش: تجوز زيادتها في الواجب، كما جازت زيادتها في النفي، وكما جاز: (ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ) «١» و (هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ) «٢»، و (وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا إِلهٌ واحِدٌ) «٣»، و (وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا اللَّهُ) «٤»، بالإتفاق، فكذا في الواجب، والتقدير عنده: (يُخْرِجْ لَنا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ) «٥»، وكذا: (وَسْئَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ) «٦».
وسيبويه يحمل هذا ونظائره في التنزيل على حذف الموصوف، الذي هو المفعول، وإقامة الصفة مقامه.
فأما قوله تعالى: (وَلَقَدْ جاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ) «٧»، فإن التقدير:
ولقد جاءك شيء من نبأ المرسلين.
وجاز إضمار «شيء» وإن كان فاعلاً، لأن الفعل لا بد له من الفاعل، وقد تقدم هذا.
فأما قوله: (وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ) «٨»، فمن خفف، كان «ما» بمنزلة «الذي»، وفيه ذكر مرفوع يعود إلى «ما».
(٢) فاطر: ٣.
(٣) المائدة: ٧٣.
(٤) آل عمران: ٦٢.
(٥) البقرة: ٦١.
(٦) النساء: ٣٢.
(٧) الأنعام: ٣٤. [.....]
(٨) الحديد: ١٦.