وأما قوله: (كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ) «١» فقد قالوا: إن التّقدير:
كلوا طيبات المن والسلوى بدل «طيبات ما رزقناكم»، وفوتموها أنفسكم بجنايتكم التي لأجلها جعلتم تتيهون في الفلوات أربعين سنة.
يدل على جواز هذا المعنى أنه قال: (كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ) «٢» فجمع «الطيب»، ثم جعل الطيبات بعض ما رزقوه، وهذا يفهم منه أنهم رزقوا أرزاقاً، منها الطيبات، ومنها الخبيثات، فأمروا بأكل الطيبات منها دون الخبيثات.
وليس هناك كل هذا، وإنما هناك المن والسلوى فقط، لم يكن لهم طعام غيرهما، ولأنهم اشتاقوا من المن والسلوى إلى البقل والقثاء، فأي استطابه لهما مع ذا؟
فثبت: أنه مغنى من «طيبات»، أي بدلها، لا من هذه الطيبات.
ومن ذلك قوله تعالى: (فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ) «٣»، (فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالًا طَيِّباً) «٤»، (كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ/ ما رَزَقْناكُمْ وَاشْكُرُوا) «٥»، ٧١ ى (وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ) «٦».
هذا كله على مذهب سيبويه، المفعول محذوف. وعلى مذهب الأخفش «من» زيادة.
(٣) الأنعام: ١١٨.
(٤) الأنفال: ٦٩.
(٥) البقرة: ١٧٢. [.....]
(٦) الأنعام: ١٢١.