ألا ترى انه قد استوفى مفعوليه، فلا تقع الجملة التي هي استفهام موقع أحدهما.
كما تقع موقعه في قوله تعالى: (سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ) «١».
فإن جعلت «ما» موصولة وقدرت فيها البدل من «مصقلة» لم يمتنع.
وإن قلت: أجعل قوله «ما فعل» استفهاماً؟ وأضمر «قل» لأني إذا قلت: أسأل الناس بمصقلة، فإنه يدل على «قل» لأن السؤال قولٌ، فأحمله على هذا الفعل، لا على أنه في موضع المفعول، لاستغناء الفعل بمفعوليه، فهو قوله، يدل على ذلك قوله تعالى: (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها) «٢».
ألا ترى أنه قد استوفى مفعوليه؟ أحدهما الكاف، والآخر قد تعدى إليه الفعل ب «عن»، فلا يتعلق به «أيان» إلا على الحد الذي ذكرناه، وهو أن نقدر (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ)، قائلين: أيان مرساها؟
وأما قوله: (سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ) «٣»، فكان المعنى: سأل سائل النبي صلى الله عليه وآله والمسلمين بعذاب واقع، فلم يذكر المفعول الأول.
وسؤالهم عن العذاب، إنما هو استعجالهم له، لاستبعادهم لوقوعه، ولردّهم ما يوعدون به منه.

(١) البقرة: ٢١١.
(٢) النازعات: ٤٢. [.....]
(٣) المعارج: ١.


الصفحة التالية
Icon