فأما قوله تعالى: (وَظَنُّوا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ) «١». فمن وقف على «ظنوا» كان من هذا الباب، أي: ظنوا ما كانوا عليه في الدنيا منجياً لهم، ومن جعله مما يتلقى به القسم، جعل قوله: (ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ) «٢» جواباً للقسم، فيتلقى بما يتلقى به «٣» القسم، نحو: (أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ) «٤»، (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ) «٥» إذ لم يذكر «للظن» مفعولاه، فالأحسن أن يجعل بمنزلة القسم.
قال أبو عمر: يقبح الاقتصار على «علمت» و «ظننت»، وألا يتعدى إلى مفعولين، وإن لم يقبح ذلك في باب «علمت»، فإن «٦» هذا عندي كما قال، وذلك لأنه لا يخلو مخاطبك، من أن يعلم أنك تعلم شيئاً وتظن آخر، فإذا كان كذلك، صار كالابتداء بالنكرة، نحو: «رجل منطلق» و «قام رجل» وليس كذلك قولك: «أعطيت» ولا «أعلمت»، لأن ذلك مما قد يجوز أن لا تفعله، فلذلك حسن هذا وامتنع ذاك.
وأما قوله تعالى: (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ) «٧» فمن قرأ بالياء، ف «الذين» هم الفاعلون، و «أن» مع اسمه وخبره بدل من «الذين كفروا».
قالوا: وهذا يوجب نصب قوله (خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ) «٨» وليس كذلك، لأن ذلك إنما يكون إذا جعلت «أن» باسمه هو البدل دون خبره.
(٣) في الأصل: «بها».
(٤) البقرة: ٦٣.
(٥) آل عمران: ١٨٧.
(٦) في الأصل: «فأو هذا».
(٧) آل عمران: ١٧٨.
(٨) آل عمران: ١٧٨.