وأما إضمار الهاء في «إن» فمثل الأول، في أنه لا يجوز في الكلام وإنما يجوز في ضرورة الشعر، كالأبيات التي أنشدها في «الكتاب» نحو قوله:
إن من لام «١»...
وإنّ من يدخل الكنيسة «٢»...
ومن ذلك قوله تعالى: (رَبُّنا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ) «٣» فمفعول «يعلم» مضمر، والتقدير: قالت الرسل للمرسل إليهم: ربنا يعلم لم أرسلنا إليكم؟ لأن هذا جواب قولهم: (ما أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا) «٤» يعنون كيف تكونون رسلاً وأنتم بشر مثلنا، فقالوا: (رَبُّنا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ) «٥»، استئناف الكلام، وليس «٦» كسر «إن» لمكان اللام بل كسرها لأنه مبتدأ.
فأما قوله تعالى: (فَانْظُرْ ماذا تَرى) «٧»، فمن فتح التاء فقال:
«ماذا ترى» كان مفعول «ترى» أحد شيئين، أحدهما: أن يكون «ماذا» بمنزلة «الذي» فيكون مفعول «ترى» الهاء المحذوفة من الصلة، ويكون «ترى» على هذا التي معناها الرأي، وليس إدراك الجارحة، كما تقول: فلان يرى رأي أبي حنيفة.
ومن هذا قوله تعالى: (لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ) «٨».

(١) جزء من بيت للاعشى، والبيت بتمامه:
إن من لام في بني بنت حسا ن ألمه وأعصه في الخطوب
(الكتاب ١: ٤٣٩). [.....]
(٢) جزء من بيت، والبيت كاملا:
إن من يدخل الكنيسة يوما. يلق فيها جاذرا وظباء
(٥- ٣) يس: ١٦.
(٤) يس: ١٥.
(٦) في الأصل: «وليست».
(٧) الصافات: ١٠٢.
(٨) النساء: ١٠٥.


الصفحة التالية
Icon