إلا أنه من باب أعطيت، فيجوز أن يقتصر على أحد المفعولين دون الآخر، كما أن «أعطيت» كذلك، ولو ذكرت المفعول، كان: أرأيت زيداً جلداً، فيكون التقدير في الآية: ماذا ترينيه؟.
ومن ذلك قوله تعالى: (وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) «١» أي: تزعمونهم إياهم، فالمفعولان محذوفان، لأنك إذا أظهرت العائد إلى «الذين» كان مفعولاً أول، فيقتضي مفعولاً ثانياً.
ومن حذف المفعول قوله تعالى: (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها) «٢» والتقدير: ننسكها، أي: نأمرك بتركها، أو بنسيانها، فالمفعول الأول محذوف، ٧٥ ى (نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها) أي: نأتك بخير منها.
وأما قوله تعالى: (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ) «٣» ينبغي أن تكون هذه من رؤية العين، لأنه اقتصر فيه على مفعول واحد، كأنه: أأبصرت؟ أو شاهدت؟
وهذا لا يسوغ أن يقع بعده الاستفهام، لأنه إنما يقع بعد الأفعال التي تلغى، فيعلق عنها.
وأما «أرأيت» الذي بمنزلة العلم، فإنها تكون على ضربين:
أحدهما: أن تتعدى إلى مفعول، ويقع الاستفهام في موضع خبره، كأنه قبل دخول «أرأيت» مبتدأ، وخبره الاستفهام، وعلى هذا الآي التي تلوها.
والثاني: أن يقع الاستفهام في موضع المفعول، فيعلق عنها، نحو:
أرأيت من زيد؟ فإذا قال: أرأيت زيدا؟ احتمل ثلاثة أضرب:

(١) القصص: ٦٢.
(٢) البقرة: ١٠٦.
(٣) الماعون: ١.


الصفحة التالية
Icon