قوله تعالى: (ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ) «١».
فالحال مؤكدة، لأن في «توليتم» دلالة على أنهم «مدبرين»، فهذا على نحوين:
أما ما لحق التاء أوله فإنه يجوز أن يكون من باب «تحوّب» و «تأثّم»، إذا ترك الحوب، والإثم، وكذلك إذا ترك الجهة، التي هي المقابلة.
ويجوز أن تكون الكلمة استعملت على الشيء وعلى خلافه، كالحروف المروية في الأضداد.
فأما قوله تعالى: (وَإِنْ يُقاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبارَ) «٢»، وقوله: (وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ) «٣»، وقوله: (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ) «٤».
فهذا منقول من «فعل»، تقول: داري تلي داره، ووليت داري داره، فإذا نقلته إلى «فعل» قلت: وليت مآخيره، وولاني مآخيره، ووليت ميامنه، وولاني ميامنه، فهو مثل: فرح وفرحته، وليس مثل: لقي وألقيته ولقيته.
وقوله: (لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ) «٥»، وقوله: (وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ) «٦»، المفعول
(٢) آل عمران: ١١١.
(٣) الحشر: ١٢.
(٤) القمر: ٤٥.
(٥) الحشر: ١٢.
(٦) القمر: ٤٥.