ومن قرأ (أشهدوا خلقهم) «١» فالمعنى: أو أحضروا ذلك؟ وكان الفعل يتعدى إلى مفعولين بعد النقل، فلما بني للمفعول به نقص مفعول، فتعدى الفعل إلى مفعول واحد.
ويقوي هذه القراءة قوله تعالى: (ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ) «٢»، فتعدى إلى مفعولين، لما بني الفعل للفاعل.
فأما قوله تعالى: (إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ) «٣»، فعلى إعمال الثاني، كما أن قوله تعالى: (آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً) «٤»، كذلك، والتقدير:
إني أشهد الله أنى برئ، وأشهد أنى برئ. فحذف المفعول الأول على حد:
ضربت وضربني زيد.
وهذا منقول من: شهد بكذا، إلا أن حرف الجر يحذف مع «أن».
ومن حذف المفعول قوله تعالى: (وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى) «٥» أي: اتقى محارم الله.
وكذلك: (لِمَنِ اتَّقى وَاتَّقُوا اللَّهَ) «٦» أي: اتقى محارمه.
وقال: (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ) «٧».
وقال: (وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ) «٨».
ف «هلك» لازم في المعروف، و «يهلك» متعد، وقد جاء «هلك» متعديا، وأنشدوا:

(١) الزخرف: ١٩.
(٢) الكهف: ٥١.
(٣) هود: ٥٤. [.....]
(٤) الكهف: ٩٦.
(٥) البقرة: ١٨٩.
(٦) البقرة: ٢٠٣.
(٧) الأنفال: ٤٢.
(٨) البقرة: ٢٠٥.


الصفحة التالية
Icon