ويجوز أن يكون التقدير: أنزل الله إليكم ذا ذكر رسولاً، فحذف المضاف، ويكون «رسولاً» بدلاً منه.
ومن ذلك قوله تعالى: (أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (١٤) يَتِيماً) «١» أي:
أن تطعم يتيما، فنصب «يتيما» ب «إطعام».
وأما قوله تعالى: (إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ) «٢».
فمن نون احتمل أمرين:
أحدهما: أن يكون «ذكري» بدلاً من «الخالصة»، تقديره: إنا أخلصناهم بذكر الدار.
ويجوز أن يقدر في قوله: «ذكري» التنوين، فيكون «الدار» في موضع نصب، تقديره: بأن يذكروا الدار، أي: يذكرون بالتأهب للآخرة ويزهدون في الدنيا.
ويجوز ألا يقدر البدل، ولكن تكون «الخالصة» مصدراً.
فتكون مثل: (مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ) «٣» فيكون المعنى: بخالصة تذكير الدار.
ويقوي هذا الوجه: ما روي من قراءة الأعمش: (بخالصتهم ذكر الدار) فهذا يقوي النصب، ويقوي أن من نون «خالصة» أعملها في «ذكرى الدار»، كأنه: بأن أخلصوا تذكير الدار.
فإذا نونت «خالصة» احتمل أمرين:
أحدهما، أن يكون المعنى: بأن خلصت لهم ذكرى الدار، فيكون «ذكرى» في موضع رفع بأنه فاعل.

(١) البلد: ١٤ و ١٥.
(٢) ص: ٤٦.
(٣) فصلت: ٤٩.


الصفحة التالية
Icon