وأما قوله: (وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ) «١»، ف «الساعة» مفعول به حقيقة، وليس على الاتساع، وجعل الظرف مفعولاً على السعة.
ألا ترى أن الظرف إذا جعل مفعولاً على السعة فمعناه: متسعاً فيه، بمعنى الظرف.
وإذا كان كذلك كان المعنى: يعلم الساعة، وليس ذلك بالسهل، لأنه سبحانه يعلم على كل حال، وإنما معنى «يعلم الساعة» أي: يعرفها وهي حق، وليس أمرها على ما أنتم عليه من إنكارها، من قوله: (لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ) «٢».
وإذا كان كذلك فمن نصب «وقيله» «٣» كان حملاً له على المعنى، وموضع «الساعة» منصوب في المعنى، لأنه مفعول بها.
وقيل: إن «قيله» منتصب بالعطف على قوله: (لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ) «٤»، «وقيله».
قال أبو علي: ووجه الجر في قوله «وقيله» على قوله: (وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ) «٥» أي: يعلم الساعة، ويصدق بها، ويعلم قيله «٦».
ومعنى يعلم «قيله» أي: يعلم أن الدعاء مندوب إليه، نحو قوله:
(ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) «٧». و (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً) «٨».
(٢) سبأ: ٣.
(٣) الزخرف: ٨٨.
(٤) الزخرف: ٨٠.
(٧) غافر: ٦٠.
(٦) ساق المؤلف وجه المعنى على الجر ولم يسق وجه اللفظ. فمن جر جعل «وقيله» عطف على الساعة، وعلى أنها أمر القسم والجواب محذوف، أي: لينصرن، أو لأفعلن بهم ما أشاء. (البحر ٨: ٣٠). [.....]
(٨) الأعراف: ٥٥.