قوله تعالى/: (فَاجْعَلْ بَيْنَنا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ مَكاناً سُوىً) «١».
فانتصاب «مكان» على أحد أمرين: إما أن تنصبه «بموعد» على: موعد مكاناً. أي: تعدنا مكاناً، مثل:
مغار ابن همام على حي خثعما «٢»
والآخر: أن يكون مفعولا ثانيا ل «جعلت»، على أن يكون على الكلام قبل دخول «جعل» : موعدك مكاناً سوى، كما تقول: موعدك باب الأمير، وكما قرئ: (مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ) «٣»، فيجعل «الموعد» الباب، و «اليوم» المكان على الاتساع، وتدخل «جعلت» عليه كما دخلت في قوله تعالى: (وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً) «٤».
وأن تحمله على» جعلت «أوجه، لأن «الموعد» قد وصف، وإذا وصف لم يسغ أن يعمل عمل الفعل.
ألا ترى أنه لم يستحسن: هذا ضارب ظريف زيداً، ولا يكون (مَكاناً سُوىً) محمولاً «٥» على «نخلفه» لأنه ليس المعنى: لا نخلف الموعد في مكان عدل ووسط بيننا وبينكم، إنما المعنى: تواعدوا مكانا وسطا بيننا لنحضره جميعا.

(١) طه: ٥٨.
(٢) عجز بيت لحميد بن ثور، صدره:
وما هي إلا في إزار وعلقة
(٣) طه: ٥٩.
(٤) الزخرف: ١٩.
(٥) في الأصل: «محمول». تحريف.


الصفحة التالية
Icon