وإنما رفع سيبويه «الرحيل» بالظرف في قوله: غداً الرحيل، لأنه مصدر، وقد قامت الدلالة على المصدر بالظرف في نحو: يوم الجمعة إنك ذاهب، وحقاً إنك منطلق.
ولارتفاع «التهدد» فيما أنشده عن يونس:
أحقاً بني أبناء سلمى بن جندل | تهددكم إياي وسط المجالس «١» |
ويدلك على أنه لهذا المعنى رفض أن يرتفع بالابتداء، أنهم حيث أمنوا دخول الحرف عليه رفع به، وذلك نحو قولك: لولا أن زيداً منطلق لكان كذا.
ألا ترى أن «أن» ارتفع بالابتداء بعد «لولا»، وإن امتنع أن يبتدأ بها أولاً، كيلا يدخل الحرف الذي بمعناه عليه.
فلما ثبت ارتفاع «أن» بالظرف في قولك: أحقاً أنك منطلق، ثبت ارتفاع المصدر بها أيضاً في نحو: غداً الرحيل. لأن «الرحيل» في أنه مصدر بمنزلة «أن» وصلتها، وأجروه مجرى مثله في الإعراب، كما يجرون المثل مجرى مثله في غير الإعراب، نحو: عطشان «وريّان» وطيّان، ونحو ذلك.
(١) البيت للأسود بن يعفر. (الكتاب ١: ٤٦٨).