فأما دخول (فِي) في قوله: (وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ) «١» فعلى وجهين:
أحدهما- أنه لما كان في معنى. أفلا تنظرون، دخلت (فِي) كما دخلت في قوله: (أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) «٢».
والآخر- أنه يمكن أن يقال: بصير بكذا، وبصير في كذا، قال زيد الخيل:

ويركب يوم الطعن فيها فوارس بصيرون في طعن الأباهر والكلى
أي: بصيرون بالطعن.
ومما يرتفع بالظرف: قوله تعالى: (أُولئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِما كَسَبُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذابٌ أَلِيمٌ) «٣»، إن جعلت (لهم) خبراً ثانياً ارتفع (شراب) به، كقولك: زيد في الدار أبوه.
ومما يرتفع بالظرف: قوله تعالى: (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ) «٤» فيمن قرأ (قتل) وأسنده إلى ضمير النبي عليه السلام.
والدليل على جواز إسناده إلى هذا الضمير، أن هذه الآية في معنى قوله: (أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ) «٥».
وروي عن الحسن أنه قال: ما قتل نبي في حرب قطّ،
(١) الذاريات: ٢١.
(٢) الأعراف: ١٨٥.
(٣) الأنعام: ٧٠.
(٤) آل عمران: ١٤٦- وقراءة حفص: «قاتل معه».
(٥) آل عمران: ١٤٤.


الصفحة التالية
Icon