والقول الثالث: إلا ليؤمنن بمحمد- صلى الله عليه وعلى آله- قبل موت الكتابي. عن عكرمة. وفيه ضعف لأنه لم يجر هاهنا لمحمد- عليه السلام- ذكر.
فإن قيل: إذا كان الاختيار الأول، فما وجه قوله عز وجل: (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً) «١» ؟ وكيف يشهدون على من لم يشاهدهم، ولم ير منهم ما يشهد به عليهم؟
فالجواب: أنه ليس واجباً على الشاهد ألّا يشهد إلا بما شاهد لأن الشهادة علم، وإذا علم الشيء وتحققه فله أن يشهد.
ألا ترى أنا نشهد بأن محمداً رسول الله، ولم نره ولم نشاهده، لأنا علمنا بالتواتر كونه، وبالدليل رسالته، فكذلك عيسى نشهد بعلمه.
ومن ذلك قوله تعالى: (فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ) «٢».
فيه قولان:
الأول: أنها كفارة للجارح لأنه يقوم مقام آخذ الحق.
والثاني: كفارة للمجروح. عن ابن مسعود.
وعن ابن عباس، هذا محمول على من عفي عنه بعد التوبة.
ويجوز أن يعود الضمير في قوله إلى المقتول، أي: إذا عفا وليه زاد الله فى ثواب المقتول.
(٢) المائدة: ٤٥.