وأما قوله: (وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ) «١» فيمن رفع «العين». وجوز فيه أبو علي: أن يكون «العين» مرفوعاً على الابتداء والجار خبر، وجوز أن يكون محمولاً على موضع «أن»، وجوز أن يكون رفعاً عطفاً على الضمير الذي في الظرف، وإن لم يؤكد.
كما جاء (ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا) «٢» فعطف «آباؤنا» على الضمير الذي في «أشركنا»، قال: ولم يؤكده فكذا هاهنا.
فإن قلت: إن «لا» يقوم مقام التأكيد، فقد قال في الجواب:
إنما يقوم «لا» مقام التأكيد/ إن كانت قبل الواو فأما إذا جاءت بعد الواو، لم تقم مقام التأكيد، ألا ترى أن التأكيد في الآي التي تلونا قبل الواو، نحو: (اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ) «٣»، وقوله: (فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ) «٤».
وهذا من أبي علي استدراك على البصريين قاطبة لا سيما وسيبويه قال في الآية الأولى:
إن قوله: «ولا آباؤنا» بمنزلة: قمت أنت وزيد فلا يرى العطف على المضمر إلا بعد التأكيد والتأكيد بأنت، وأنا، أو ما يقوم مقامهما من المفعول وغيره.
ولم يروا التأكيد بقولهم «نفس» فلم يجيزوا: قمت نفسك وزيد كما أجازوا: قمت أنت وزيد، وقمتم أجمعون وزيد.
قالوا: لأن «النفس» اسم منصرف، تدخلها العوامل بخلاف: أنت، وأجمعين.

(١) المائدة: ٤٥.
(٢) الأنعام: ١٤٨.
(٣) البقرة: ٣٥.
(٤) هود: ١١٢.


الصفحة التالية
Icon