وكذلك الجزاء كقوله «١» :
ومهما تشأ منه فزارة يمنعا «٢»
وهذا كقوله:
يحسبه الجاهل ما لم يعلما «٣»
و «إن» في الجزاء أمثل لأنه بغير الواجب أشبه، ألا ترى أنه خبر غير مبت كسائر الأخبار.
وفي هذا الكلام شيء آخر: وهو أن قوله: الجزاء إذا جاء في الفعل معه النون الخفيفة والثقيلة لزمه ما يوهم أن «ما» لزمت لدخول النون وأن لحاق النون سبب لحاق «ما» والأمر بعكس ذلك وخلافه لأن السبب الذي له دخلت النون الشرط في قوله: (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً) «٤»، (فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً) «٥»، (وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ) «٦»، ونحو ذلك عند النحويين، إنما هو لحاق «ما» أول الفعل بعد «إن»، فلذلك صار موضعاً للتنوين بعد أن لم يكن لهما موضع.
وإنما كان كذلك عند سيبويه وأصحابه، لمشابهة فعل الشرط بلحاق «ما» به بعد «إن» دون أخواتها الفعل المقسم عليه، ولمشابهة كل واحد

(١) عجز بيت لابن الخرع، وصدره:
فمهما تشأ منه فزارة تعطكم
(الكتاب ٢: ١٥٢).
(٢) الكتاب: «تمنعا».
(٣) صدر بيت لم ينسبه سيبويه، وعجزه:
شيخا على كرسيه معمما
(الكتاب ٢: ١٥٢).
(٤) البقرة: ٣٨.
(٥) مريم: ٢٦.
(٦) الإسراء: ٢٨.


الصفحة التالية
Icon