ألا ترى أن للاسم من القدمة على الفعل ما للفعل على الحرف فيقبح لذلك ترك توكيد الفعل مع الاسم، كما قبح ترك توكيده مع الحرف.
فإن قلت: فما الذي يدل على أن التوكيد لا حق للحرف؟ وما ننكر أن يكون لحاقه للفعل دون الجزاء، فيكون الفعل مؤكداً من أوله إلى آخره مثل «ليفعلن» ؟
فالذي يدل على لحاقه حرف الجزاء دون الشرط أن الوقف عليه وأن أحداً لم يقف على «إن» وحدها في نحو: (وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً) «١» فيستأنفوا «ما» مع الفعل كما استأنفوا ب «لا» مع الفعل، كقوله:
(لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ) «٢».
ويدل أيضاً على لحاقها للحرف دون الفعل: أنها قد لحقت الحروف أيضاً في نحو:
ألا ليتما هذا الحمام لنا «٣»
وفي الإدغام أيضاً تقوية لأن الكلمة لو نوي بها الانفصال جاز فيها الإظهار كما جاز في «من ما» وما أشبهه.
وكل هذا يدل على أن التأكيد لاحق للحرف، وإذا أكد الحرف الذي لا يستقل إلا بالفعل بعد «إن» لا يؤكد الفعل فافترق فعل شرط «إن» وفعل شرط سائر الحروف في لزوم النون لها مع «ما» لاقترانهما فيما ذكرنا.

(١) الأنفال: ٥٨.
(٢) القيامة: ١.
(٣) جزء من بيت للنابغة، والبيت هو:


الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2024
Icon
قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا إلى حمامتنا أو نصفه فقد