ومن ذلك قوله تعالى: (فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هذا رَبِّي) «١»، أي: هذا الشخص أو: هذا المرئي.
وكذلك قوله تعالى: (فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ) «٢»، لأن الوعظ والموعظة، واحد.
وقالوا في قوله تعالى: (إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) «٣» : إنه أراد ب «الرحمة» هنا: المطر، ويجوز أن يكون التذكير هنا إنما هو لأجل «فعيل»، على قوله:
بأعين أعداء وهن صديق «٤»
وقوله:
... لا عفراء منك قريب «٥»
وأما قوله تعالى: (بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ)
«٦»، فإنه حمله على «النفس» لأن «الإنسان» و «النفس» واحد، وقيل: بل التاء للمبالغة، وقيل: بل التقدير: عين بصيرة فحذف الموصوف.
وقال مجاهد: بل الإنسان على نفسه شاهد: عينه ويداه ورجلاه، فيكون «الإنسان» مبتدأ، والظرف فيما ارتفع به خبر، والهاء العائد من الجملة إلى المبتدأ، وهو المجرور بالإضافة، كما تقول: زيد في داره عمرو.
وعكس الأول قول الحطيئة:

ثلاثة أنفس وثلاث ذود لقد جار الزّمان على عيالى
(١) الأنعام: ٧٨. [.....]
(٢) البقرة: ٢٧٥.
(٣) الأعراف: ٥٦.
(٤) عجز بيت لجرير، صدره:
نصبن الهوى ثم ارتمين قلوبنا
(اللسان: صدق).
(٥) جزء من بيت، والبيت بتمامه:
ليالي لا عفراء منك بعيدة فتسلى ولا عفراء منك قريب
(اللسان: قرب).
(٦) القيامة: ١٤.


الصفحة التالية
Icon