«من» منصوب الموضع حملاً على المعنى لأن معنى (جَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ) : أعشناكم، وكأنه قال: وأعشنا من لستم له برازقين.
ويجوز أن يكون «من» مبتدأ- والخبر مضمر. والتقدير: ومن لستم له برازقين جعلنا لكم فيها معايش.
ومن ذلك ما قال سيبويه: قال: سألت الخليل عن قوله تعالى:
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماء فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً) «١»، قال: هذا واجب، وهو تنبيه، كأنك قلت: انتبه/ إن الله أنزل من السماء ماء، وكان كذا وكذا.
ومن ذلك قوله: (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً) «٢» فيمن قرأ بالنصب لأنه إنما ينصب إذا كان السؤال على القرض لو قال: أيقرض زيد فيضاعفه عمرو؟.
وفي الآية السؤال عن المقرض، لا عن الإقراض ولكنه حمل على لمعنى فصار السؤال عن المقرض، كالسؤال عن الإقراض.
ومن ذلك قوله: (وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ
(٢) البقرة: ٢٤٥.