قال أبو علي: مثل ما يكون اللفظ على شيء والمعنى على غيره قولهم:
لا أدري أقام أم قعد؟ ألا ترى أن اللفظ على الاستفهام والمعنى على غيره.
وكذلك قولهم: «حسبك»، اللفظ لفظ الابتداء والمعنى على غيره.
وكذلك قولهم: اتقى الله امرؤ فعل خيراً يثب عليه اللفظ لفظ الخبر والمعنى معنى الدعاء.
وكذلك: (فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا) «١».
وإلى هذا النحو ذهب أبو عثمان في قولهم: ألا رجل ظريف؟ فقال:
اللفظ لفظ الخبر، والمعنى معنى التمني.
وليس هذا بسائغ لأن الكلام قد دخله ما منع هذا المعنى، ألا ترى أن هذا ارتفع بالابتداء، وقد دخل الكلام من المعنى ما أزال معنى الابتداء ألا ترى أن معنى الطلب قد أزال معنى الابتداء من حيث جرى مجرى:
اللهم غلاماً أي: هب لي.
وكذلك قولك: ألا رجل؟ بمنزلة قوله: هب لي وألا آخذ وألا أعطي، ونحو ذلك.
فإذا دخل هذا المعنى أزال معنى الابتداء وإذا زال معناه لم يجز ارتفاعه بالابتداء، لمعاقبة هذا المعنى له وإذا عاقبه ذلك وأزاله لم يجز أن يرتفع «أفضل» بأنه خبر لبطلان كون الأول أن يكون مبتدأ أوفي موضع الابتداء.
فالقول في ذلك قول سيبويه لهذه الآية.

(١) مريم: ٧٥.


الصفحة التالية
Icon