وأما ما ذهب إليه أبو علي، فيما حكينا عنه، فلا، والله أعلم.
وقال أبو علي في موضع آخر: ففي هذا دلالة على وقوع مثال الماضي حالاً، وذلك أن «آتينا» لا تخلو من أن تكون صفة أو جملة متبعة جملة، على حد: (هُمْ فِيها خالِدُونَ) «١»، أو حالاً، ولا تكون صفة لأن «حجتنا» معرفة، ولا تكون على حد (هُمْ فِيها خالِدُونَ) «٢»، و (ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ) «٣» لأنك إن جعلته على ذلك فصلت بين الصلة والموصول بالأجنبي، فإذا امتنعتا ثبت أنه واقع موقع الحال، إذا كانت/ حالاً لم تفصل بين الصلة والموصول، وكانت على [ذلك] «٤» متصلة بالمصدر الظاهر الذي هو «حجتنا». فإن قلت: فلم لا تكون على قول أبي الحسن في نحو: (أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ) «٥»، أن يكون على تقدير:
أو جاءوكم قوم حصرت، ولا يكون على قوله: أو جاءوكم قوماً قد حصرت، فإن ذلك لا يكون على حذف الموصوف، كما يكون قوله: أو يكون جاءوكم قوماً حصرت لأنك على هذا تحذف الموصول وتبقي بعض صلته. وقد قال سيبويه: إن ذلك لا يجوز فيه.
وأما قوله تعالى: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) «٦» فإن قوله «يوم خلق السّموات» تتعلق بمضمر دون «عدة»، لأن الفصل بين المصدر والمعمول لا يجوز، ولهذا لا يتعلق «فى كتاب الله» ب «عدة» ولا يكون بدلاً من «عند الله» للفصل، أو يكون أن يتعلق ب «حرم»، كأنه: منها أربعة حرم فيها كتب الله يوم خلق السموات
(٣) الكهف: ٢٢.
(٤) تكملة يقتضيها السياق.
(٥) النساء: ٩٠.
(٦) التوبة: ٣٦.