وأما قوله في: (هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ) «١» : لا يتعلق الباء ب «عطاؤنا» / للفصل، ولا ب «أمسك» لأنه لا يقال: أمسكت بغير حساب، إنما يقال: أعطيت بغير حساب، فهو إذاً متعلق ب «امنن»، ويكون معناه: أنه مخير بين أن يعطي كثيراً وأن يمسك، وكأن معنى «امنن» أعط، لما كان مناً وتفضلاً على المعطى، قيل: «امنن»، والمراد: أعط.
ومثله في جعل «المن» عطاء قوله تعالى: و (وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ) «٢»، كأنه:
لا تعط مستكثراً، أي: لا تعط لتأخذ أكثر منه.
ومثله: (وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللَّهِ) «٣».
وتقدير «تستكثر» : أي: مقدراً فيه الاستكثار، وجزم «تستكثر» على هذا يبعد في المعنى، لأنه يصير: إن لا تمنن تستكثر، وليس المعنى على هذا.
وقد أجاز أبو الحسن نحواً من هذا اللفظ، وإن لم يكن المعنى عليه.
وأما قوله تعالى: (الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ) «٤»، ف «الذين» جر، عطف على «المؤمنين»، أو نصب، عطف على «المطوعين». فالظرف. أعني «في الصدقات». متعلق ب «مطوعين» أو «يلمزون»، أي: ويعيبون في إخراج الصدقات لقلتها، ولا يكون «الذين يلمزون»، بدلاً من «من» في قوله: (وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ) «٥»، لأن هؤلاء غيرهم... «٦» في وضع الصدقات.

(١) ص: ٣٩.
(٢) المدثر: ٦.
(٣) الروم: ٣٩.
(٤) التوبة: ٧٩.
(٥) التوبة: ٥٨. [.....]
(٦) مكان هذه النقط كلمة غير واضحة.


الصفحة التالية
Icon