فإذا كان كذلك وجب أن يتعلق بمحذوف في الأصل، والضمير العائد إلى ذي الحال هو الظرف.
هذا كلامه وقد منع من تعلق الظرفين بالمصدر، وهذا يجوز في الظرفين المختلفين، وإنما الكلام في المتفقين، وقد بيناه في «الاستدراك».
وأما قوله: (لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمانِ) «١».
فلا يخلو قوله «إذ تدعون» من أن يتعلق ب «لمقت الله»، ولا يجوز أن يتعلق بقوله «مقتكم» لأنهم مقتوا أنفسهم في النار، وقد دعوا إلى الإيمان في الدنيا. ولا يتعلق بالمبتدأ، لأنه أخبر عنه بقوله «أكبر من مقتكم»، والموصول لا يخبر عنه، وقد بقيت منه بقية، والفصل بين الصلة والموصول غير جائز.
وأما قوله تعالى: (إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ) «٢» إن جعلت الهاء للكافر، على معنى: إنه على إحيائه لقادر، لم يجز أن يتعلق «يوم تبلى السرائر» بقوله «رجعه»، لأن قوله «لقادر» في موضع الخبر ل «إن»، وقد فصل بين المصدر وما يتعلق به، ولكن ينتصب بمضمر يفسره «رجعه»، أي:
يحييه يوم تبلى السرائر.
ويجوز أن يجعل «يوم» بمعنى «إذا» فيعمل فيه مدلول «إذا» :(فَما لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا ناصِرٍ) «٣» كقوله تعالى: (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ) «٤». ألا ترى أن مدلول «الفاء» يعمل في «يوم ندعو».
ومثله: (وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْداءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ) «٥».
ومثله: (فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ) «٦».

(١) غافر: ١٠.
(٢) الطارق: ٨، ٩.
(٣) الطارق: ١٠.
(٤) الإسراء: ٧١.
(٥) فصلت: ١٩.
(٦) المدثر: ٨. [.....]


الصفحة التالية
Icon