ويدل على المحذوف هنا قوله: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) «١»، لأن التسوية لا تكون إلا بين شيئين، وفي الجملتين في الخبر، فالمعنى: أمن هو قانت كمن جعل لله أنداداً ليضل عن سبيله.
وكما جاز حذف حرف النداء فيما تقدم جاز حذف المنادى، كما قال:
(يا لَيْتَنا نُرَدُّ) «٢» أي: يا قوم، ليتنا نرد. ومثله: (يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ) «٣»، و (يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ) «٤» وما أشبه ذلك.
وأما قوله تعالى: (أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ) «٥» فقد قال المبرد: إن التقدير: ألا يا هؤلاء اسجدوا، فحذف المنادى.
والذي اختاره أبو علي: أن الجملة هاهنا كأنها المنادى في الحقيقة، وأن «يا» هاهنا أخلصت للتنبيه مجرداً من النداء، كما أن «ها» من قوله:
(ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ جادَلْتُمْ)
«٦» للتنبيه، من غير أن تكون للنداء.
وقال أبو علي: وجه دخول حرف التنبيه على «ألا» من انه موضع يحتاج فيه إلى استعطاف المأمور لتأكيد ما يؤمر به عليه، كما أن النداء موضع يحتاج فيه إلى استعطاف المنادى لما ينادى له من إخبار أو أمر أو نهي أو نحو ذلك، مما يخاطب به، وإذا كان كذلك فقد يجوز ألا يريد منادىً في نحو قوله: (أَلَّا يَسْجُدُوا) «٧» كما يريد المنادى:

(١) الزمر: ٩.
(٢) الأنعام: ٢٧.
(٣) الزخرف: ٣٨. [.....]
(٤) يس: ٢٦.
(٧- ٥) النمل: ٢٥.
(٦) النساء: ١٠٩.


الصفحة التالية
Icon