وتقول: مررت برجل كفاك به، وبرجلين كفاك بهما، وبرجال كفاك بهم، فتفرد الفعل لأن الفاعلين بعد الباء، وإن لم تلحق الباء قلت:
مررت برجل كفاك من رجل، وبرجلين كفياك من رجلين، ورجال كفوك من رجال.
وأما الدلالة على زيادتها في قولهم: أكرم به، وقوله: (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ) «١»، فهي أن الفعل لا يخلو من أن يكون للمخاطب أو الغائب، فلو كان للمخاطب لثني فيه الفاعل تثنيته للمخاطب وجمع بجمعه وأنث لتأنيثه، فلما أفرد في جميع الأحوال ولم يعتبر به الخطاب علم أنه ليس للمخاطب، وإذا لم يكن له ثبت أنه للغائب.
ويدل على ذلك أيضاً أن المعنى إنما هو على الإخبار عن المخاطب، ألا ترى أن قولهم: أكرم به، يراد به أنه قد كرم، وإنما دخلت الهمزة على حد ما دخلت في قولهم: أجرب الرجل، وأقطف، وأعرب، وألأم، وأعسر، وأيسر، إذا صار صاحب هذه الأشياء، وكذلك «أكرم» معناه: صار ذا كرم، و (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ) «٢» صاروا ذوي بصر وسمع، خلاف من قال تعالى فيه: (وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى) «٣».
فإن قلت: كيف جاء على لفظ الأمر؟ قيل: كما جاء (قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا) «٤»، والمعنى: فمد له الرحمن مدا.
والموضوع الآخر من الموضعين الذي لحقت الباء/ بهما زائدة، وهو أن يكون فضلة عن الجملة، أو مشبهاً بها، فالمشبه كقوله:
(٣) الإسراء: ٧٢.
(٤) مريم: ٧٥.