ولا يجوز أن يكون من صلة «شهادة»، لأنك إن وصلتها بالشهادة فقد فصلت بين الصلة والموصول، ألا ترى أن الخبر الذي هو «أربع شهادات بالله» يجوز أن يكون من صلة «شهادة أحدهم» فتكون الجملة التي هي «إنه لمن الكاذبين» في موضع نصب، لأن الشهادة كالعلم فيتعلق بها «إن» كما يتعلق بالعلم، والجملة في موضع نصب بأنه مفعول به، و «أربع شهادات» ينتصب انتصاب المصادر. ومن رفع «أربع شهادات» لم يكن قوله «لمن الكاذبين» إلا من صلة «شهادات» دون «شهادة»، كما كان قوله «بالله» من صلة «شهادة» ففصلت بين الصلة والموصول.
ومن ذلك قوله: (وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَما ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَداً) «١»، والتقدير: وأنهم ظنوا أن لن يبعث الله أحداً كما ظننتم.
وقال الله تعالى: (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً) «٢»، أي: هزي إليك رطباً تساقط عليك.
فهذه الآي محمول على الفعل الثاني عندنا، وما يقتضيه الأول مضمر، وهم يحملون الأول دون الثاني. ويضمرون/ الثاني ويفصلون بالثاني بين الأول ومقتضاه:
ومن التقديم والتأخير: (فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ. وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ) «٣»، التقدير: فلا أقسم بمواقع النجوم، إنه لقرآن كريم. في كتاب مكنون. لا يمسه إلا المطهرون. وإنه لقسم لو تعلمون عظيم. وفصل بين
(٢) مريم: ٢٥.
(٣) الواقعة: ٧٥، ٧٦.