فإذا حملته على التقديم كان قوله. «من بين يديه» متعلقاً بقوله «يحفظونه»، والتقدير: له معقبات من أمر الله يحفظونه من بين يديه ومن خلفه. قاله النخعي فيكون الظرف فاصلاً/ بين الصفة والموصوف، فنظيره: (إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً) «١»، جمع: راصد.
يعني: الملائكة يحفظون النبي- صلى الله عليه وعلى آله- من الجن والإنس، وهم أربع.
ومن ذلك قوله: (كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ) «٢». قيل: الكاف من صلة ما قبله. وقيل: من صلة ما بعده.
فمن قال: هي من صلة ما قبله، قال: «كما أخرجك» أي: كما ألزمك الخصال المتقدم ذكرها التي تنال بها الدرجات، ألزمك الجهاد وضمن النصرة لك والعاقبة المحمودة.
وقيل: بل المعنى: الأنفال لله والرسول مع مشقتها عليهم، لأنه أصلح لهم، كما أخرجك ربك من بيتك بالحق مع كراهتهم، لأنه أصلح لهم.
وقيل: هو من صلة ما بعده، والتقدير: يجادلونك في الحق متكرهين كما كرهوا إخراجك من بيتك.
وقيل: أن يعمل فيه «بالحق»، يعني: هذا الحق كما أخرجك ربك. جائز حسن. «٣»
وقيل: التقدير: يجادلونك في القتال كما جادلوا في الإخراج.
(٢) الأنفال: ٥.
(٣) ساق أبو حيان في تفسير: البحر المحيط (٤: ٤٥٩- ٤٦٤) خمسة عشر رأيا حول إعراب «كما» ليس من بينها هذا الرأي الذي يبدو غير واضح.