ويجوز في نصب قوله «سواء العاكف فيه» وجه آخر: وهو أن تنصبه على الحال، فإذا نصبته عليها وجعلت قوله. «للناس» مستقراً، جاز أن يكون حالاً يعمل فيها معنى الفعل، وذو الحال الذكر الذي في المستقر.
ويجوز أيضاً في الحال أن يكون من الفعل الذي هو «جعلناه»، فإن جعلتها حالاً من الضمير المتصل بالفعل كان ذو الحال الضمير والعامل فيها، وجواز قوله «للناس» / مستقر، على أن يكون المعنى: أنه جعل للناس منسكا ومتعبدا، فنصب، كما قال: وضع للناس.
ويدل على جواز كون قوله «للناس» مستقراً، أنه قد حكى: أن بعض القراء قرأ: (الذي جعلناه للناس العاكف فيه والبادي سواء)، فقوله «للناس» يكون على هذا مستقراً في موضع المشغول الثاني ل «جعلناه»، فكما كان في هذا مستقراً كذلك يكون مستقراً في الوجه الذي تقدمه، ونعني:
الذي جعلناه للعاكف والبادي سواء. أنهما يستويان فيه في الاختصاص بالموضع ومن ذلك قوله تعالى: (قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا أَوْ زِدْ عَلَيْهِ) «١» قوله «نصفه» بدل من «الليل»، كما تقول: ضربت زيداً رأسه، فالمعنى: نصف الليل إلا قليلاً، نصفه أو انقص من النصف أو زد عليه.
وقوله «إلا قليلاً» يفيد ما أفاده أو «انقص منه قليلاً»، لكنه أعيد تبعاً لذكر الزّيادة خيّره الله تعالى بين أن يقوم النصف أو يزيد عليه أو ينقص منه.