بعض ما أضافه إليه، وهو «أسد» عليها، وفي تقديم المضاف إليه أو شيء منه على المضاف من القبح ما لا خفاء به، فنظير الآية قوله: (فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ) «١»، وقوله: (إِذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ) «٢»، وقوله:
(إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ) «٣»، ثم قال: (إِنَّ رَبَّهُمْ) «٤»، ف «إذا» في هذه الأشياء متعلقة بمحذوف دل عليه ما بعد «إن» و «الفاء».
وقيل في البيت: إن «كان» زائدة، فيصير تقديره: إذ أسد أميرها، فليس في هذا أكثر من شيء واحد، وهو ما قدمنا ذكره من تقديم ما بعد «إذ» عليها، وهي مضافة إليها. وهذا أشبه من الأول، ألا ترى أنه إنما نفي حال خراسان إذ أسد أميرها لأنه إنما فضل أيامه المنقضية بها على أيام أسد المشاهدة فيها، فلا حاجة به إلى «كان»، لأنه أمر حاضر مشاهد.
فأما «إذا» هذه فمتعلقة بأحد شيئين. إما ب «ليس» وحدها، وإما بما دلت عليه من غيرها، حتى كأنه قال: خالفت خراسان إذ أسد أميرها التي كانت أيام ولاية خالد لها، على حد ما نقول فيما يضمر للظرف، ليتأولها ويصل إليها.
ومن ذلك قوله: (إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ) «٥»، تقدير «من قبل» أن يكون متعلقا ب «كفرت»، المعنى: أي: كفرت من قبل بما أشركتموني. ألا ترى أن كفره قبل كفرهم، وإشراكهم إياه فيه بعد ذلك، فإذا كان كذلك علمت أن «من قبل» لا يصح أن يكون من صلة «ما أشركتموني»، وإذا لم يصح ذلك فيه ثبت أنه من صلة «كفرت».

(١) المؤمنون: ١٠١.
(٢) سبأ: ٧.
(٣) العاديات: ٩.
(٤) العاديات: ١١.
(٥) إبراهيم: ٢٢. [.....]


الصفحة التالية
Icon